تشهد إسبانيا ارتفاعًا مقلقًا في معدلات الإجهاض الطوعي، حيث سجلت 103,097 حالة خلال عام 2023، بزيادة 4.8% عن العام السابق. وتُعزّز هذه الأرقام القوية مخاوف متزايدة بشأن اتجاهٍ تصاعدي بدأ منذ عام 2014، مما يُثير تساؤلاتٍ حول فعالية السياسات الحالية في مجال الصحة الإنجابية. وتُترجم هذه الزيادة إلى ارتفاع معدل الإجهاض إلى 12.22 حالة لكل ألف امرأة تتراوح أعمارهن بين 15 و 44 عامًا، مما يُسلّط الضوء على ثغراتٍ في خدمات التوعية والوقاية. وتُعدّ كتالونيا ومدريد من أكثر المناطق تسجيلًا لحالات الإجهاض، بينما سجلت أراغون أقل المعدلات، مما يُشير إلى تفاوتاتٍ إقليمية في الوصول إلى خدمات الصحة الإنجابية، وربما إلى اختلافاتٍ في وعي المجتمع وثقافته.
وتُكشف بيانات الإجهاض عن جوانب مثيرة للقلق. فمن جهة، تُشير إلى أنّ غالبية النساء اللاتي خضعن للإجراء لم يسبق لهنّ الخضوع له من قبل، وأنّ معظم حالات الحمل لم تتجاوز 8 أسابيع، مما يُسلّط الضوء على أهمية التركيز على خدمات التوعية والتثقيف حول تنظيم الأسرة، وتوفير وسائل منع الحمل بسهولة. لكنّ من جهة أخرى، تُثير النسبة المرتفعة للنساء اللاتي لم يستخدمن وسائل منع حمل، والتي تجاوزت 45%، قلقًا حقيقيًا، خاصةً في ظل تسجيل 10,934 حالة إجهاض لفتيات دون العشرين من العمر. وهذا مؤشرٌ قويّ على فشل في الوصول إلى خدمات التوعية والتثقيف حول تنظيم الأسرة، وخاصةً بين الفئات العمرية الأصغر.
وتُفرض هذه الأرقام المتزايدة من حالات الإجهاض ضرورة تدخّل عاجل من قبل الجهات المعنية، فمن الضروري تعزيز برامج التوعية الجنسية، وتوفير سبل الوصول إلى وسائل منع الحمل بسهولة ويسر، وذلك لضمان حصول النساء على المعلومات اللازمة لاتخاذ قراراتٍ واعية بشأن صحتهنّ الإنجابية، وتقليل احتمالية اللجوء إلى الإجهاض.
وتُسلّط هذه الأزمة الضوء على الحاجة الملحة لتعزيز سياسات الصحة الإنجابية في إسبانيا، فمن الضروري ضمان حق المرأة في اتخاذ قراراتٍ بشأن صحتها الإنجابية، مع العمل على الحد من حالات الحمل غير المرغوب فيه، وتوفير الرعاية اللازمة للنساء في جميع مراحل حياتهنّ. وذلك من خلال توفير خدمات صحية شاملة، وتثقيف المجتمع حول أهمية تنظيم الأسرة، وتحسين الوصول إلى خدمات منع الحمل، والتوعية بمخاطر الحمل غير المخطط له.
30/09/2024