في مشهدٍ يُذكّر بـ»غزوٍ سلميّ»، تُواصل السيارات الصينية زحفها المُتسارع نحو السوق الإسبانية، مُحقّقةً نجاحًا لافتًا في السنوات الأخيرة، حيث قفزت حصتها من لا شيء تقريبًا إلى 4٪ من إجمالي مبيعات السيارات، وفقًا لتقرير منظمة المستهلكين والمستخدمين (OCU)، مُهدّدةً بذلك عرش «الأسد» الأوروبي في عقر داره.
ويُمكن إرجاع هذا النجاح المُدويّ إلى «سلاحين فتّاكين» تمتلكهما الشركات الصينية: أولًا، سياسة «الأسعار المُغرية» التي تُناسب شريحةً واسعةً من المُستهلكين، خاصّةً في ظلّ الأزمة الاقتصادية التي تُعاني منها أوروبا. وثانيًا، التنوّع المُذهل في طرازات السيارات المُقدّمة، مما يُلبّي جميع الأذواق والاحتياجات، ويُشكّل عامل جذبٍ قويٍّ للمُستهلك الإسباني.
وتُظهر الأرقام مدى «الخطر» الذي تُشكّله السيارات الصينية على الصناعة الأوروبية، حيث استحوذت على أكثر من 4٪ من إجمالي مبيعات السيارات الجديدة في إسبانيا حتى شتنبر من هذا العام، بل وتخطّت نسبة 6٪ في الشهرين الأخيرين، مُؤكدةً بذلك أنّها ليست «ظاهرةً عابرة»، بل «مُنافسٌ قويٌّ» يُهدّد عرش «عمالقة» صناعة السيارات الأوروبية.
وعلى الرغم من «الإغراء» الذي تُمثّله أسعار السيارات الصينية، إلا أنّ علامات استفهامٍ تُثار حول جودتها، مما يدفع المُستهلكين إلى التروّي قبل اتخاذ قرار الشراء، ودراسة عوامل مهمّة مثل الضمان وتوافر مراكز الصيانة ورضا المُستخدمين الآخرين.
تُجسّد هذه التحوّلات الجذرية في سوق السيارات الإسباني تغيّرًا واضحًا في خيارات المُستهلكين، وتُفرض على الصناعة الأوروبية تحدّياتٍ كبيرةً، تتطلّب منها التكيّف مع المُنافسة العالمية الشرسة، وإعادة النظر في استراتيجياتها التسويقية، من أجل الحفاظ على حصتها في السوق، وإلاّ ستجد نفسها «خارج السباق».
فهل ستنجح الشركات الأوروبية في «صدّ الهجوم» الصيني؟ أم أنّ «التنين» الصيني سيُواصل زحفه ليُصبح «سيّدًا» على سوق السيارات الإسبانية؟
27/09/2024