تشهد إسبانيا تراجعًا ملحوظًا في معركة مكافحة السمنة لدى الأطفال، حيث أظهرت نتائج دراسة «ألادينو» 2023 انخفاضًا في معدل زيادة الوزن بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و9 سنوات، من 40.6% إلى 36.1%. وهو ما يُعدّ انتصارًا جزئيًا يُحسب لحكومة مدريد، التي تبذل جهودًا حثيثة لمواجهة هذه الظاهرة الصحية المُقلقة.
لكن خلف هذه الصورة المشجعة، تلوح ظلال من التفاوت الاجتماعي تُعكر صفو الاحتفال بالنتائج. فبينما تراجعت معدلات السمنة بشكل عام، لا تزال تُعاني فئة من الأطفال من ارتفاع مُقلق في معدلاتها، تحديدًا أطفال الأسر ذات الدخل المنخفض، حيث بلغت نسبتهم 23.6%، أي أكثر من ضعف المعدل المسجل لدى أطفال الأسر ذات الدخل المرتفع (10.9%). وتُثير هذه الفجوة تساؤلات حول مدى فعالية الاستراتيجيات المُتبعة في معالجة أسباب السمنة، ودورها في تعزيز العدالة الصحية.
وفي محاولة لتضييق هذه الفجوة، أعلن وزير الحقوق الاجتماعية بابلو بوستيندوي عن سلسلة من التدابير الطموحة. تتمثل هذه التدابير في تعزيز نظام غذائي صحي في المدارس، من خلال الحد من الأطعمة المُصنعة، وتشديد الرقابة على الإعلانات المُوجهة للأطفال للمنتجات غير الصحية. وتُعد هذه الخطوات بمثابة رسالة واضحة من الحكومة، تؤكد التزامها بضمان حصول جميع الأطفال على الفرصة نفسها في التمتع بصحة جيدة، بغض النظر عن خلفيتهم الاقتصادية.
لكن هل ستكون هذه التدابير كافية لمواجهة تحديات السمنة المُعقدة؟ يبقى السؤال مُثارًا، خاصةً في ظل التفاوتات الاجتماعية المُتزايدة. فمواجهة هذه الظاهرة تتطلب نهجًا متكاملًا، يجمع بين التوعية والتثقيف، وتوفير بيئة صحية داعمة، وضمان وصول الجميع إلى الخدمات الصحية اللازمة. وتبقى هذه المعركة طويلة، ولكن مع استمرار الجهود وتضافر الأدوار، يمكن لإسبانيا أن تحقق تقدمًا أكبر في حماية أطفالها من مخاطر السمنة، وضمان مستقبل صحي لهم.
26/09/2024