في ظلّ تصاعد الأزمات العالمية وتشابكها، اجتمع قادة العالم في نيويورك لحضور قمة المستقبل، التي حملت على عاتقها مهمّة إعادة صياغة التعاون الدولي ورسم ملامح مستقبلٍ أكثر أمانًا واستدامة. وتحت شعار «نحو تعدّدية مُجدّدة»، انطلقت أعمال القمة برعاية الأمم المتحدة، ساعيةً إلى إيجاد حلولٍ جذريةٍ للتحدّيات المُلحة التي تواجه كوكبنا.
ولعلّ أبرز ما ميّز القمة هو طرح «وثيقة المستقبل»، التي تُشكّل خارطة طريقٍ لإصلاح شامل للأنظمة متعدّدة الأطراف. إذ تدعو الوثيقة إلى تعزيز التعاون بين الدول، ومنح صوتٍ أكبر للدول النامية في صنع القرارات الدولية. كما تُحدّد أولوياتٍ في مقدّمتها التحوّل في مجال الطاقة، ومكافحة عدم المساواة، وتعزيز حقوق الإنسان، داعيةً إلى العمل المناخي الفعّال وتوزيعٍ أكثر عدالةً للموارد العالمية.
وفي خطوةٍ تعكسُ إدراكًا عميقًا لحجم التحدّيات، جدّدت القمة الالتزام بتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030، معترفةً بالتحديات الكبيرة التي تواجه تحقيق هذه الأهداف الطموحة. وعليه، شدّدت القمة على ضرورة تكثيف الجهود الدولية في مجالاتٍ حيوية، كالقضاء على الفقر، وتوفير التعليم والرعاية الصحية للجميع، ومواجهة تداعيات تغيّر المناخ.
وعلى وقعِ تصاعد التوترات الجيوسياسية في مختلف أنحاء العالم، أكدت قمة المستقبل على أهمية الدبلوماسية والحوار كأدواتٍ أساسيةٍ لحلّ النزاعات. كما أعادت التأكيد على دور القانون الدولي والأمم المتحدة في حفظ السلام والأمن العالميين، مُشدّدةً على أهمية توفير الدعم والمساعدة للسكان في مناطق النزاع.
واختتمت القمة أعمالها، تاركةً خلفها تساؤلاتٍ عديدة حول مستقبل النظام العالمي. ففي ظلّ بروز عالمٍ متعدّد الأقطاب، هل ستُفلح دعواتُ إصلاح مجلس الأمن في تحقيق التوازن المنشود؟ وهل ستُترجمُ التعهّداتُ الدوليةُ إلى أفعالٍ ملموسةٍ على أرض الواقع؟ يبقى المستقبلُ مفتوحًا على كلّ الاحتمالات، لكن قمةَ المستقبلِ قدّمت، بلا شكّ، دفعةً قويةً نحو بناءِ نظامٍ عالميٍّ أكثرَ عدالةً وشمولية.
24/09/2024